إندمج في مصر
العديد من أصول أجنبية والبعض عاد إلى بلده الأصلي وهناك من انخرط في البلد ولا
تستطيع تفريقه، وكتاب (الجالية المخفية: فصول من تاريخ الألبان في مصر) يتحدث عن
أحد الجاليات في مصر وهم الأرناؤوط أو الألبان، جالية من منطقة ألبانيا حاليًا في أقليم
البلقان، الكتاب صادر عن دار الشروق- مصر، بعد أن كان صدر باللغة الألبانية عام
2016م ونُشرت ترجمة لفصل منه بالعربية في المجلة التاريخية المصرية، وهو من تأليف محمد
م. الأرناؤوط، أكاديمي كوسوفي- سوري لديه دكتوراه في التاريخ الحديث ودَّرَس في العديد
من الجامعات في الأردن وكوسوفو،وذهب إلى القاهرة للبحث حول دور ألبان مصر في النهضة
القومية الألبانية في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، بَحَث في أرشيف الصحافة المصرية
خلال الفترة الزمنية 1878م- 1914م وتواصل مع ألبان مصر الذين كانوا على قيد الحياة
مثل كريم حاجيو وموسى شيخو وعثمان أرناؤوط وغيرهم.
الألبان كنموذج لبناء القومية بعد تفكك
الدولة العثمانية
والكتاب يقدم نموذج للقومية الحديثة وإذا كانت القومية تمثل الوعي بالعودة إلى الأسلاف والأصول، فالكتاب يعود إلى بعد زمني أقدم من تفكك الدولة العثمانية وتكوين الدولة القومية للألبان، ويتخطى البعد المكاني للقومية الجغرافية إلى مصر وتأثير الأرناؤوط في قومية أخرى عبر أزمنة تاريخية أقدم من الدولة العثمانية نفسها، وتأثير مصر على الأرناؤوط وعلى تكوين قوميتهم الخاصة بعناصرها المختلفة، فالكتاب يوضح تأثير مصر على الأبجدية الألبانية، وتأثيرها على نزعة الاستقلال، بل استقدام أمير مصري من أصل ألباني ليكون مشروع حاكم الألبان ولكنه يصبح بعد ذلك حاكم مصر، وتناول الألبان كجالية مخفية في مصر حتى بعد اندماجهم، وتوضيح الفارق بين قوميتهم وغيرهم من القوميات والتى حدث التباس في النصوص التاريخية في مصر بينها وبين الجركس، ويتناول اقامة جماعة سياسية أسست كيان سياسي دولة قومية حديثة فالكتاب يقدم نموذج للقومية والإنتماء خارج الحدود الجغرافية ويعتمد على الإثنية والإنتماء إليها بالميلاد في مكان آخر.
والكتاب يقدم نموذج للقومية الحديثة وإذا كانت القومية تمثل الوعي بالعودة إلى الأسلاف والأصول، فالكتاب يعود إلى بعد زمني أقدم من تفكك الدولة العثمانية وتكوين الدولة القومية للألبان، ويتخطى البعد المكاني للقومية الجغرافية إلى مصر وتأثير الأرناؤوط في قومية أخرى عبر أزمنة تاريخية أقدم من الدولة العثمانية نفسها، وتأثير مصر على الأرناؤوط وعلى تكوين قوميتهم الخاصة بعناصرها المختلفة، فالكتاب يوضح تأثير مصر على الأبجدية الألبانية، وتأثيرها على نزعة الاستقلال، بل استقدام أمير مصري من أصل ألباني ليكون مشروع حاكم الألبان ولكنه يصبح بعد ذلك حاكم مصر، وتناول الألبان كجالية مخفية في مصر حتى بعد اندماجهم، وتوضيح الفارق بين قوميتهم وغيرهم من القوميات والتى حدث التباس في النصوص التاريخية في مصر بينها وبين الجركس، ويتناول اقامة جماعة سياسية أسست كيان سياسي دولة قومية حديثة فالكتاب يقدم نموذج للقومية والإنتماء خارج الحدود الجغرافية ويعتمد على الإثنية والإنتماء إليها بالميلاد في مكان آخر.
وبتناول تعريف أندرسون
للقومية في كتابه الجماعات المتخيلة بأنها (جماعة سياسية متخيلة، حيث يشمل التخيل أن
لها حدود وذات سيادة) وتطبيقه على هذا النموذج المقدم في الكتاب الذى يتناول
الإنتماء إلى القومية الألبانية وكيف خاض الألبان معارك عسكرية في فرق حربية غير نظامية
ولائها لكبيرها القبلي وإنخرطت في جيش مصر النظامي لكون ولائها لمحمد على حاكم مصر
وهو من نفس إثنيتها، وكيف كانت الصلة
بين الجالية في مصر وبين الوطن القومي لهم في فترات زمنية مختلفة.
ويقدم الكتاب الأدوات
التاريخية التى قدمت الجماعة القومية المتخيلة، فيوضح التمايز اللغوي واللغة المطبوعة
وصنعها في كتاب والصحف الألبانية وغير ذلك من الأدوات التى قدمت القومية بشكلها الحديث
ولم يكتفي بالبعد التاريخي والسلالة الإثنية الواحدة والروابط الدينية وعلاقة الدين
في دعم القومية وكيف كان الانتماء الى الطريقة البكتاشية الصوفية وارتباطه بالإنكاشرية
في الدولة العثمانية، بل قدم ايضا كيف تم استخدام اللغة الألبانية في إحدى الكنائس
في مصر تعبيرا عن عمل تمردي يمثل القومية الألبانية.
الألبان أعلنوا استقلالهم
عن الدولة العثمانية 28/11/1912م وكان الأمير فؤاد الأول (ملك مصر فيما بعد) من أقوى
المرشحين لعرش ألبانيا فأسرة محمد على التي حكمت مصر هي سلالة ألبانية، ومصير ألبانيا
لم يستقر في حدودها الحالية الا عام 1920م، وكانت الإسكندرية مقر لحراك سياسي ضد الحكم
الشيوعي في ألبانيا.
وفي مصر كان هناك
صعوبة تقابل المؤرخين في تفريق الألبان الروم الأرثوذكس عن اليونانيين بسبب تسجيل أنفسهم
كمواطنين يونانيين، فالألبان أغلبهم مسلميين والأقلية روم أرثوذكس وكاثوليك.
وفصول الكتاب تعتمد
على الفترات الزمنية فيقدم عناصر القومية
الألبانية في مصر كدولة مهجر باستخدام المنهج التاريخي.
من المماليك حتى محمد على:
استخدم المؤلف البعد التاريخي لوجود
الأرناؤوط في مصر ووضح الخلط في المصادر التاريخية المكتوبة بين الأرناؤوط وقوميات
أخرى مثل الشركس وغيرهم.
ففي مرحلة المماليك:
يبرز يوسف بن تغري بري وأصله الأرنؤوطي، والسلطان خوشقدم والسلطان تمربغا كمماليك ألبان
وصلوا لحكم مصر، معتمدا على نصوص
تاريخية مكتوبة.
ومرحلة الحكم العثماني:
يوضح وجود عدة (ولاة) من الألبان حكموا مصر منهم سليمان باشا الذي تولى ولاية مصر مرتين،
ومحمد باشا دوكاجين صهر السلطان سليم الأول، وسنان باشا، ومراد أرناؤوط، ويشرح انخراط الألبان في الدولة العثمانية وإرتقائهم أعلى المناصب.
واثناء الحملة الفرنسية استعانت
الدولة العثمانية في قواتها التي حاربت الحملة الفرنسية على مصر بفرق يغلب على تشكيلها
الأرناؤوط وساهموا بشكل كبير في الإنتصارات العثمانية، مما اعطى سمعة جيدة عن
المحارب الأرناؤوطي.
ومع وصول محمد على
للحكم أتحد جميع الأرناؤوط في صفه لمواجهة المماليك في الجنوب والإنجليز في الشمال،
وبعد فترة تخلص من مخاطرهم بالتدريج خصوصا كبار زعماء الأرناؤوط الذين كانوا يتعاملوا
معه بندية ويعتبرونه كواحد منهم.
حملات ألبان مصر
على الجزيرة العربية:
استجاب محمد على
للسلطان العثماني وأرسل حملة إلى الجزيرة العربية لضرب الدولة السعودية، ولكي يتخلص
من القوة الألبانية الغير منضبطة استخدمها في حروب خارج مصر على الدولة السعودية والسودان
وحرب الدولة العثمانية على اليونان والحملة على بلاد الشام حتى قل عددهم.
دور ألبان مصر في
النهضة القومية الألبانية:
تحول الوجود العسكري
الألباني إلى مدني بالإنخراط في التجارة ووظائف الدولة، ثم حدث هجرة كثيفة من جنوب
ألبانيا إلى مصر بسبب وجود أسرة محمد علي في الحكم.
واشتهرت مصر بوجود
كُتَاب النهضة القومية الألبانية فيها مثل ثيمي ميتكو، وسبيرو دينه، ولوني لوغيري،
وأسس ألبان مصر روابط وجمعيات تنسق نشاطهم في مجال اللغة والثقافة والسياسة وتمثلهم
في العالم الألباني، فقد تأسست رابطة الأخوة عام 1875م ونشاطها القومي الذي دعى إلى
ألبنة الكنيسة، وكان أغلب الألبان في الجنوب من الأرثوذكس وكانت لغة الكنيسة وقتها
يونانية، فذهب أعضاء الرابطة إلى الكنيسة اليونانية في الزقازيق وأنشدوا باللغة الألبانية
مما أدى إلى نزاع مع القنصل اليوناني في القاهرة.
وكتاب النحلة الألبانية
للكاتب ثيمي ميتكو والذي كان يدعو إلى حق ألبانيا في أن تكون دولة قومية نُشِر بالاسكندرية، ووضعت لجنة ألبان مصر
مذكرة باسم الألبان موجهة إلى القوى الكبرى المنتصرة في الحرب بغرض حماية ألبانيا من
المطامع الخارجية وقُدِمت المذكرة إلى سفارات الدول الكبرى في القاهرة، ومع إعلان استقلال
ألبانيا انكمشت الصحف الألبانية الصادرة في مصر، ولألبان مصر دور في الاتفاق على أبجدية
موحدة للألبان.
سنوات الملك أحمد
زوغو في مصر
كان الملك أحمد زوغو
يتابع المقاومة ضد الاحتلال الايطالي من لندن في الفترة من 1940م حتى 1945م ويتابع
الحرب الاهلية في ألبانيا بعد انسحاب إيطاليا، وجاء ملك ألبانيا السابق إلى مصر عام
1946م، وساعد اللاجئين الألبان حتى ترك مصر في عهد جمال عبد الناصر إلى باريس حيث توفي
هناك عام 1961م.
فالكتاب يقدم
نموذج للدراسات القومية والتاريخية ويستخدم المنهج التاريخي لإبراز عناصر القومية
وتطبيقها على النموذج الألباني، ويبرز دور الجالية الألبانية في مصر في بناء القومية
الحديثة للألبان وتواجدها في مصر من فترات تاريخية سابقة عن موجات بناء القوميات
بعد الحرب العالمية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق