السبت، 13 سبتمبر 2014

يوم لا ينتهي

هو صاحب الشعر الابيض المهذب لكي يبدو كأنه منكوش او مستعر و شاربه العريض المذيل بطرفين متدليان بجوار شفتاه الي ذقنه و عينه في اطار لعوينات عريض بلون اطفأه الزمان يرتدي بدلة سفاري فوق قميص ياقته مرتفعه و طرفاه يلمسان الجاكيت من الخارج و بنطال البدلة شارلستون يضيق من الفخذ و واوسع من السيقان ، هو احد القاطنون في زمنهم الخاص و الرافض الخروج منه ، فبالرغم من عام 2014 اوشك علي الرحيل الا انه لم يخرج من حقبة السبعينات بعد .
يطلق عليه البعض لقب عاطف المجنون و يتحشاه اغلب الناس في الحي ، يسكن في مبناهم الخاص هو واخوته كل منهم في شقته الخاصة ، قد يرنو الي سمعك الصراخ او السباب المتداول و لكنك تدرك انه من طرف واحد و ان الاخر لا يرد ، قد ينطلق البصاق من شرفته و لا يختفي ان هبطت علي حدهم و اشار اليه ليبادله الشتائم ، ترتفع اغاني البيتلز قبل الفجر بقليل او يفاجئك باغاني ارمسترونج و لا احد يعتب عليه او يلومه ، ليس له مواعيد ثابته قد يخرج فجأة في اي موعد يدخن سجائره البلومنت بشراهة و يلقي باعقابها المشتعلة في اي اتجاه
يحكى عنه انه كان زينة شباب اهل الحي ، صاحب صاحبه اشيك واد في الحته ، حبيب الشلة و مجمعهم تحت باب بيتهم و منطلق بهم في رحلات اسبوعية لكل سواحل مصر و كان تخطيطه لرحلة الصيف القادم الي اوروبا ( الشلة تاخد بعضيها و تلات شهور هناك شغل و سرمحة ) في بداية الصيف السابق كانو سبعة افراد من شارع واحد و رحلة يوم واحد لراس البر
يوم واحد
و عادوا سته افراد
كل منهم تسحب الي بيته و اغلق بابه في صمت و لم يعد صاحبهم ، امه اوقفتهم واحد تلو الاخر تسأل عنه البعض يرد مستنكرا بانه لا يعرف و احدهم ادعى انه لم يذهب الي الرحلة و لا يعرف عنها شئ و البعض افتى انه تركهم في وسط النهار و رحل دونهم
تشد الام الرحال و تعود و صراخها يملاء الحي لا تعرف عن ابنها شئ ، لا يشرخ الصمت سوى عويلها الذي لا ينقطع
خبروني باي شئ عنه فقط اريد ان اعرف ماذا حدث له
و ضعف عاطف امام صرخاتها و بكائها ، و امامها و بقلب موجوع اخبرها انه نزل معهم الماء و لم يصعد
نهشت اظافرها فيه انهالت عليه بالصفعات و صرخاتها تتهمه
ذهبت للشرطة و ابلغت عنه اتفق الكل في المحضر انه تركهم في منتصف اليوم و انصرف ، عاطف مثلهم حتى عندما سئل عن ما قاله لامه قال اردت ان اهدئ بالها
جلست ليالي تحت باب بيتهم و هي تعدد و تولول و تتهم عاطف بموت ابنها
تكشف شعرها و تنهش اصابعها و هي تدعوا الله المنتقم
و عاطف لا يخرج من غرفته ، تأتي سيارة الاسعاف لتنقله بعد ان هبط جلنش السقف بالحبل الملتف حول عنقه و لا يزال به نفس
التمرجي الذي خاط معصمه بعدها باسبوعين اقترح عليهم طبيب نفسي
صعدت ام صاحبه اليه و قبلت راسه و وهبته السماح حتى يكف عن اذى نفسه
و لكنه ظل في غرفته لا يخرج منها سافر اصدقاءه و عادوا و اكملوا دراستهم و هو في غرفته يحدق في السقف ، او يخرج للشرفة
او يتبادل السباب مع ذباب وجهه
هو لا يزال هناك ، ماتت ام صاحبه و انتقل اخوته لاحياء اخرى ، و ماتت امه و هو و ان خرج من غرفته محبوس في سجن ذلك اليوم الذي لا يريد ان ينتهي

ليست هناك تعليقات: