هم القابعون في زوايا الجدران ، متكورين علي انفسهم ، يضموا ارجلهم الي صدورهم باحتضانها بسواعدهم ، يدفنون وجوههم بين ساقيهم خوفا من المارين ، و ما ان تسكن الحركة و تخف الاقدام و يسكن الضوء و يحل الظلام حتى يتنفسوا الصعداء يعطوا لانفسهم مجال للحركة ، يطمئنوا لعدم اصتطدام احدنا بهم
عامري المكان أراهم و الرعب محفور في اخاديد وجوهم الصغيرة و اتعجب من كل حكايات الخوف منهم ، ما ان تأتي سيرتهم حتى تبدأ الاستعاذات و البسملة و قراءة الايات ، في البدء كنت اتصنع تجاهلهم ، و لا التفت اليهم ، و اسمعهم و هم يتحدثوا بخوفهم منا و يتفادوا اقدامنا او تعثرنا بهم ، يزعجهم صراخنا و يسدوا اذانهم من اصواتنا
كنت انظر الي سقف الغرفة عندما يتحدثون عني او اتصنع النوم الي ان سمعته يسخر من عجيزتي امام اخته لما راها شاخصة اليها و انا اخلع عني ملابسي ، لم اتمالك نفسي و رددت عليه ، اتساع عينيه و انتصاب اذنيه و استطالته و تغير لونه من الرمادي الطيني الي الوردي الكطفي و انكتام صوته ، ففراره من امامي ، لم يكن يعلم ان اخته تصعد لسريري في المساء كانت تغافلهم و تركب خصري ، و لا ادرك لماذا استفزني سخريته امامها ، هي بقيت ساكنة و مبتسمة و اردفت بانها كانت تعلم .
تلك المجنونة التي لا تطيق احد يمسني بسوء في حضوري او غيابي ، تنطلق فتأذي كل من يضايقني و تغار من كل فتاة احادثها فتبصق في وجهها لتظل عابثة عدة ايام .
هرب اخيها عندما عرف اني اراهم و اسمعهم و هرب الاخرون ورائه و بقيت هي ، يزورنها كل فترة و ينصحوها بالهروب ، فتحاول ان تعيدهم فيرفضوا ان يدخلوا خدمتي معها و ان يظلوا عبيدي هم و سلالتهم لخلفي من بعدي ، فتنكر عليهم ظنهم في و انني لم اسعي لذلك و لم اطلب منهم اي شئ و لكنهم يصروا
اولاد جنسهم في الاماكن الاخري اتغاضي عنهم لولا صحبتها الدائمة لي و محاولتها الدائمة لاثارة غيرتي عليها لما اهتممت بهم ، فاهلي الاماكن المعمورة طيبين ، عكس الجوالين في الطرقات فتخبط الناس بهم الدائم جعلهم يستأسدون و يكشرون عن انيابهم ، و كثرة الندبات في اجسادهم افقدهم الاحساس بالالم ، و اعتادوا الضوضاء فثقل سمعهم ، منهم مشاكسون يأذون للمتعة و لكنهم يتقبلوا الغرباء بعكس عامري الاماكن ، تعاركت مع احدهم اراد ان يسكن في جسد قطة مسكينة و كانت تنازعه في جسدها يقتل اربعة من ارواحها و يترك لها ثلاث ليضمن عيشها لحقت به عند الروح الرابعة و اشتيكته لمارد في خدمة سيده فحكم بالسماح له بسكنى القطة لانه بقي له روح واحدة و يسكنها و اخبرني انني لو لحقت به في الروح الاولي او الثانية لكان حكم عليه بتركها و مضيت
تخبرني هي بانه لن يتركني لاني اشتيكته و سيحمل في صدره صورة روحي ليأذيها ، و انه علي عدم التدخل فيما لا يعنيني ، و نصحتني بالتقرب من سيده بان اقدم دم مسال له فرفضت و غضبت مني و اختفت
و ظل مكاني مهجورا بلا عامريه ، و سمعت في ليلة عواء قطط علي بسطة المكان فظننت انه موسم التكاثر و نداء الطبيعة و لكني سمعت همس خشونة اصوات مردة الشوارع تتسرب بين المواء ، فحزمت أمري بمقاتلتهم فهم اما يسكنوا جسدي و اما اجعلهم يفروا ، فأستعنت بقوة الكلمة و رددت بصوت عالي ايات و اذكار علمت رعبهم منها ، و لكنهم تركوا اجساد القطط و هجموا علي مستهزئين بي مرددين ان اولاد الطرقات لا يخشوا الكلمات ، فاستعذت و رددت التحصينات و شعرت بهم يجرحون روحي ليسكنوا جسدي ، فقاومت و نظرت الي قلبي و اخبرته الا يخذلني و وعدته انني سأصم اذني عنهم و سأعمره بكلمات صالحة وهتفت باسم الله و صرخت بصفاته و تلويت و قفزت و دورت حول نفسي حتي يتطايروا من جسدي فارتفعت ، فادور و ارتفع و اصرخ باسماء الله و يتطايروا و ارتفع ، و يتساقطوا و ادور و ادور و ارتفع حتي اخرهم و سقطت ساجدا لله و طلبت منه ان يسحب نعمته لاني لم اصونها و لا اتحملها و أمنت بان للجهل صيانة للجهلاء و ان العلم نور للاتقياء